بقلم:- الجراند ماستر شريف هزاع
في الفكر الاسكندنافي القديم والاسطورة النوردية المؤسسة للرؤية الفلسفية والفكرية ترى ان موضوع الجسد والعقل والنفس والروح بغير رؤيتنا المعاصرة لها فنحن نرى ان الذات الفردية تتكون من (جسد – عقل – روح) والأخير قد يكون بدله (النفس) باعتبار ان ذلك الثلاثي هو الذي يكون المعطى الفوقي المتعالي المتمثل بمفهوم الروح باعتبارها الحد الفاصل الذي يربط المطلق بالنسبي ، ومفهوم الروح مختلف في النوردية عن غيرها من العقائد او الأفكار.
النوردية بارثها الأسطوري والحكائي مختلفة في تقسيمها من المبدأ الثلاثي الى رباعي هو:-
هامر = الجسد – الشكل – المظهر الخارجي المادي
هوغر = الفكر = العقل = الوعي = الادراك العقلي
هامينجا = الحظ السعيد = الملاك الحارس = الوصي
فيلجا = التابع الروحي = الوصي الروحي = حيوان القوة = الطوطم
قد لاتختلف كثير من الرؤى الفلسفية والتفسيرية للإنسان وطبيعته حول القسم الأول والثاني ، الا ان القسم الثالث الرابع هو انفراد الدول الاسكندنافية القديمة في تفسيرهم لحياة الانسان وطبيعته .
قبل كل شيء لننطلق من ان النوردية هي شكل شاماني لشمال اوربا وان جملة الاعتقادات والأفكار والسلوكيات تنطلق من الشامانية ، وانا هنا لا اختلف عن رؤية مرسيا الياد الذي يعتبر ان الشامانية ليست دينا بل هي رؤية ، وهذا يأخذنا الى مقرر اخر اسسه المفكر الانثربولوجي الكبير كلود ليفي شتراوس في ان الرؤية الشامانية للوجود والاشياء جاءت لتؤسس جملة من المفاهيم التي نراها على انها (طبيعة مؤنسنة) وسوف نعرفه اكثر في مصطلح (فيلجا) الذي هو احد اهم العناصر الشامانية وضوحا في الأسطورة النوردية ويعني (التابع) وهو حالة مرافقة حيوان القوة الذي سمي بالطوطم (روح الوصي) على ان أي مولوود يولد يأخذ من طباع ذلك الحيوان فيكون لكل طفل فيلجا خاص به يكتسب منه طباع وسلوكيات ويعكس شخصية الشخص وفرديته.
بالوقت الذي نجد ان هامينجا اكثر تشعبا ، فهي أرواح انثوية عملاقة وقوية تعني (الحظ السعيد) وتمثل الروح الحارسة التي جاءت من الاسلاف لترافق الشخص وتقدم له الحظ والسعادة وتنتقل بعد موت الفرد الى اقرب شخصية ضمن النسب العائلي من اخ او اخت للمتوفى وتلتحق بذلك بسلسلة عائلية كانت من حيث الحقيقة ملكا لاحد الاسلاف .
الجميل انها تتكون وتتضخم بالمزيد من الطاقات الروحية بالارث المعمول به من قبل الفرد الحي ، فتشكل جملة الاعمال المشرفة في الحياة (هامينجا) لذا فالهامينجا ليس من نصيب أي احد فكثير من الناس لايملكون ارثا من الاسلاف او انه ذهب الى فرد اخر من العائلة فهو ليس في كل فرد وبهذا هو لايكون من حيث الوظيفة كما (الملاك الحارس ) الذي يملكه كل فرد كما نجد في تعريفه العام ، انما نجدخ شأن محدد ممكن ان يكون بدرجة كبيرة وواضحة عند أناس معينين فيكون عندهم ارث بارز ونقي من الاسلاف خصص له كمرافق على مدار حياته ، ثم ينتقل الى الاخر حاملا معه حمولة الفرد الذي قدمت منه (اعماله المشرفة) التي تشكل طاقة روحية إضافية ، كما يمكن للشخص – يقر له الجميع ان له هامينجا – ان يقوم بتسليفه لشخص يحتاج العون لتجاوز امر جلل ومخاطرة كبيرة فيكون كمثال لمفهوم (الروح الوصي) وهنا نفهم من ما مر بنا ان هامينجا هو طاقة صيرورة الاسلاف في الذرية واثرها بالواقع المادي والشخصي لحياة الفرد فالنوردية تعتبر ان الاسلاف ركن مركزي وعامود تقام عليه مفاهيمهم ككل.

