بقلم:- الجراند ماستر شريف هزاع
في اكثر من مناسبة كنت قد اشرت ضمناً الى ان المعطى الاسطوري او الخرافي يملك ايضا افقا تنظيميا داخليا وخارجيا وهو بهذا يشكل مساقا فلسفياً وان كان غير منطقي الا انه جاء متطابقا مع لغة وفكر شعب ما ليؤسس بدوره طرحا فكرياً واعتقاديا ، ونحن ان انكرنا التأثيرات الاسطورية بواقعنا المعاصر فإننا بشكل او بأخر نفكر ضمن المادية والواقعية والموضوعية التي تستند في بعض اسسها على معطى اسطوري وغير واقعي ، وقد ابدع المفكر الفرنسي رولان بارت في رصد اساطيرنا المعاصرة في كتابه (اسطوريات).
هنا اريد ان اتناول موضوع التنين الذي شكل حوله كثير من الآراء المتباينة والمختلفة حول ماهيتها وحقيقتها ودورها الطاقي و الروحاني ولكنها بالمعنى الاشمل (كيانات اسطورية) تمثل مجموعة مباديء ومفاهيم.
وفق الرؤية الأسطورية وان تعددت وتنوعت تجمع تلك الرؤية على ان التنين كائن مجنح يرمز الى العالم العلوي والسفلي والعناصر والتحكم الطاقي وهو اهم رمز في الطاوية الصينية والذي يقف وراء مبدأ اليانغ و الين يمثل الجانب الباطني من الانسان ، وهو مختلف من حيث المفهوم عن التنين السلتي الأوربي ، برجوعنا الى اصل الكلمة دراكون نجد انها جاءت من اللغة اليونانية Derkein وتعني (ان ترى) وهي الرؤية بوضوح وتبديد الوهم.
من تلك المفاهيم تشكل مصطلح (طاقة التنين) بالرغم انه لايعترف به في أي من المجالات العلمية الإنسانية بشكل رسمي انما بقي ضمن ارث الثقافة الشعبية لشعب ما ليكون جزء من مخيلته ، او ادبياته التاريخية وبناء الاساطير القديمة التي كونها في السابق وتحولت الى سياق طاقي او روحاني في التقاليد الشرقية مثل الصينية واليابانية وغيرها من البلدان المجاورة ، ثم اخذ حيزا اخر في الثقافات الاوربية..
الخلاصة انه لاتوجد اي من الادلة التاريخية او الاثارية او احافير حول التنين لان الامر لازال برأي عملية خلق خيميائية وباطنية ويشكل لغزاً لايمكن انكاره ، انه شُكل وفق ظني مفهوم اكثر من كونه كائن له جناحان ويطير وينفث النار ويتسم بالشراسة والرعب بل على انه مفهوم روحاني و طاقي كبير.
الان لا يهمني التنين موجودا كان او عدما ، وجِّد بالسابق او مجرد خرافة بل انا انطلق من انه تردد طاقي يمكننا العمل به وهنا ارجع بك الى مفاهيم نظرية شيلدراك في المورفيجينية التي ضمن البنود التي تفترضها هو:-
يوجد حقل مورفوجيني حول كل نوع من الكائنات الحية
واذا تعمقنا لنمزج بين المورفيجينية واطروحات يونغ في اللاوعي الجمعي كيف يشكل بزخمه الطاقي تأثيرا على الوعي نجد ان جملة المفاهيم التي جاء بها المحكي الاسطوري والتعدد الحضاري في تناوله مفهوم التنين صنع بدوره حقلا مورفيجينيا مؤثراً ، وانا من خلال اعتقادي او تفكيري بوجود حقل التنين الطاقي اقوم بخلق تردد طاقي يتناسب وبرمجتي العقلية في بث فكرة والايمان بها وتطبيقها وتلمس نتائجها وهذا يؤول بدوره الى الافتراضات الاخرى في نظرية شيدراك والتي كنت قد كتبتها في مقال سابق والتي جاء فيها عن افتراضات النظرية المورفيجينة:-
1- يقوم هذا الحقل بتوجيه الأفراد من نفس النوع إلى تقليد الشكل والسلوك.
2- يؤثر الحقل على كيفية نمو وتطور وسلوك ذلك النوع.
3- تتم إضافة معلومات جديدة إلى الحقل عندما يتعلم أي فرد جديد من ذلك النوع شيئاً جديداً.
هذا يعني انني في عملي الاول حين اقمت اقتناعاتي او افكاري حول التنين انشأت حقلا طاقيا مورفيجينيا اثر بشكل او بآخر على مجموعة محيطة بي اشاركها الفكرة بشكل مباشر ومجموعة اخرى كنت قد استخدمت طاقة التنين الافتراضية فيهم كعلاج وشفاء مشكلا من خلاله سيادة عنصرية وفق طاقات خيميائية وضعتها كمخطط او حقل مورفيجيني ادخلني في مسار التنين او لنقل انني أصبحت ضمن خطوط (لاي) على اعتبار ان عملي هو تواصل او اتصال بان اكون ضمن التردد العالمي الكوني في التأثير والعمل..
بالرغم من كل ذلك لازال عالمنا المادي – المعاصر- يسير بوتيرة عقلانية او جنونية مؤطرة بالمنطق واحيانا تجديفه غير المبرر في انزلاقه نحو عبثية عشوائية تبقى هناك قاعدة لها دورها ومكانتها في العالم والحياة وهي:-
ان التاريخ يحتاج الى شواهد والتنين لايملك الاشواهد اسطورية وخرافية في الذاكرة الجمعية لبعض الشعوب ، ولا تنس أيضا ان هناك شواهد موثوقة تاريخيا تعمدت تشويه التنين وتصويره بالشكل السلبي واسقاط فكرة الشر والشيطان عليه كما فعلت المسيحية التي حولت الإرث الوثني لاوربا الى طروحات تخدم حركتها في الانتشار والاقناع وتغيير الطابع الفكري والاعتقادي للشعوب التي دخلتها وهذا أيضا شكل حقلا مورفيجينيا مضادا للاول.
كل هذا يدعونا الى التفكير أيضا ، هل كان التنين فكرة خطيرة لابد من تغييرها وتحويلها من شكل الى اخر؟ هل بالفعل يملك ثنوية الخير والشر ام انه مجرد في حقيقته من كونه ثنائية؟ وغيرها من التساؤلات التي يجب ان نطرحها لننسلخ من نسقية التفكير؟

