الانا بين الانعكاس والتوقع

الجراند ماستر لميس الرفاعي

 

هل لاحظت أن العديد من الانعكاسات والتوقعات والأفكار المسبقة والأحكام التي تحملها عن نفسك وعن الطريقة التي تعتقد أنه من المفترض أن تكون عليها تؤثر بشكل كبير على تجربتك في الحياة؟ هل شعرت يوما أن لديك صورة مثالية تحاول الوصول إليها أو حياة مثالية تود تحقيقها ولكنك تجد أن الواقع دائما يخيب ظنك أو يحمل تحديات غير متوقعة؟

هل حاولت مرارا وتكرارا أن تكتشف تلك الصورة المثالية لنفسك أو لحياتك وفشلت أو ربما دمرت ونسفت تلك الصورة بأفعالك بأفكارك أو بسوء فهمك لنفسك؟ هل تساءلت عن مدى تأثير تلك الأفكار والأحكام المسبقة على مسار تطورك الشخصي وكيف أن محاولة تحقيق تلك الصورة المشعة الذهبية أو الحياة المثالية قد تمنعك أحيانا من الاستمتاع باللحظة الحاضرة أو تعيقك عن النمو الحقيقي.

وفي كثير من الأحيان تكون تلك الأفكار والانتقادات الذاتية حواجز تمنعك من رؤية الحقيقة الجوهرية التي تتعلق بك وتجعلك تظن أن هناك شيئا مفقودا أو أن هناك شيء يجب أن تتغير فيه لكي تصل إلى السعادة او الحياة التي تريدها ومع ذلك فإن هذه التوقعات والأحكام غالبا ما تكون مجرد مخططات عقلية صنعت في عقولنا وداخل أنسجتنا النفسية من أجل محاولة السيطرة أو التكيف مع الواقع ولكنها بعيدة عن حقيقتنا الأصلية.

الواقع هو أن كل تلك البدايات والأفكار وحتى الأخطاء ليست سوى جزء من رحلتك النموذجية لاكتشاف ذاتك الحقيقية فقد تكونت من خلال تجاربك الماضية والخبرات التي مررت بها والأحكام التي شكلتها عن نفسك أو عن العالم. وما يثير الدهشة هو أن هذه الأحكام يمكن أن تكون ناعمة أو قاسية لكنها غالبا ما تكون نتائج لأساليب دفاعية أو لخيالات قد لا تعكس حقيقتك الكامنة.

هل تذكر كم مرة حاولت أن تصل إلى حياة مثالية أو أن تحقق ذاتك بطريقة مطلقة لكنك واجهت الصعوبات أو فشلت وربما شعرت أن كل جهودك سدت أو أن الصورة التي تسعى إليها تبعد أكثر فأكثر؟ تلك اللحظات ليست سوى فرصة لنقاش داخلي عميق ودرس في مدى ارتباطنا بالمفهوم الخاطئ للكمال وتعلقنا بأفكارنا عن صورتنا المثالية.

الأهم من ذلك هو أن تدرك أن هذه التجارب والأفكار والمحاولات ليست فاشلة بالضرورة بل هي جزء من عملية التعليم والنمو فهي تتيح لك أن تتعرف على اهتزازاتك الداخلية وأن تكتشف المناطق التي تحتاج إلى الشفاء وأن تبدأ في تحرير نفسك من قيود الأحكام والتوقعات الزائدة.

عندما تتوقف عن محاولة دحض أو نفي تلك الأفكار وتبدأ في قبولها كمراحل من رحلتك تفتح الباب لنشوء وعي أعمق وفهم أكثر رحابة لحقيقتك تذكر أن لا شيء في الحياة يتطلب منك أن تكون مثاليا بل أن تكون على طبيعتك وأن تتعلم كيف تحب نفسك بكل عيوبك ونقائلك وأن تدرك أن النضوج الحقيقي يكمن في تقبل الذات وليس في محاولة إخفائها أو تغييره بشكل قسري.

وفي النهاية تذكر أن كل محاولة لإصلاح أو تحديث الصورة الذاتية يجب أن تتم من مكان المحبة والرحمة وأن تقترب أكثر من جوهر وجودك الحقيقي ذلك المكان الذي لا يخضع للتوقعات أو الأحكام بل هو ينبوع من الحكمة السلام والوعي الحقيقي.


اكتشاف المزيد من اكاديمية ريكي زن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.